إقتصاد

اليوم العالمي للجمارك: ثلاثة أسئلة لزكرياء عباس، المستشار في التجارة الدولية والاستراتيجية

يسلط اليوم العالمي للجمارك، الذي يتم تخليده في 26 يناير من كل سنة ، الضوء على الدور المركزي للجمركيين في تأمين الحدود وتعزيز التجارة الدولية.

ومع اقتراب هذه المناسبة، خص زكرياء عباس، الأستاذ والباحث والمستشار في التجارة الدولية والاستراتيجية، وكالة المغرب العربي للأنباء بحوار حول آرائه بشأن شعار هذه السنة “تعبئة الشراكات التاريخية والجديدة حول أهداف واضحة”.

1. ما هي المكانة التي يحتلها المجتمع الجمركي اليوم في تسهيل التجارة الدولية؟ وما هي آفاق التدبير الجمركي خلال سنة 2024؟

تضطلع الوكالات الجمركية بدور حاسم في الحفاظ على التوازن بين تسهيل التجارة المشروعة وإنفاذ القوانين. وخلال السنوات الأخيرة، شهدنا تطورا كبيرا نحو مقاربة أكثر توجها نحو الخدمات والدعم الموجه للمقاولات من حيث المطابقة.

ووفقا لمنظمة التجارة العالمية، فإن تبسيط ومواءمة المساطر الجمركية يمكن أن يؤدي إلى زيادة صادرات السلع العالمية إلى تريليون دولار سنويا، وخفض تكاليف المعاملات بشكل كبير.

ومن المرجح أن يتشكل مستقبل التدبير الجمركي من خلال الأهمية المتزايدة للاستدامة في التجارة. والتي لا تنطوي فقط على تواصل رقمنة وأتمتة المساطر، بل كذلك على دمج الاعتبارات البيئية في الممارسات الجمركية. وعلى سبيل المثال، فمن الممكن أن يصبح تتبع البصمة الكربونية للسلع وتفعيل المبادرات الجمركية “الخضراء” أكثر انتشارا. ويتطلب اندماج سلاسل القيمة العالمية كذلك اتباع مقاربات أكثر تطورا وتعاونية بين السلطات الجمركية في جميع أنحاء العالم لمواجهة تحديات مثل المطابقة التجارية والتقليد.

2. كيف يمكن تعزيز التحديث والابتكار في الجمارك المغربية خلال العصر الرقمي؟

من أجل مواصلة تحديث الجمارك المغربية، يمكن أن يكون اعتماد الحلول السحابية والتحليلات القائمة على الذكاء الاصطناعي لمعالجة البيانات واتخاذ القرار في الزمن الفعلي ثوريا. وهذا لا يؤدي إلى تسريع عملية التخليص الجمركي فحسب، بل يعمل كذلك على تحسين دقة تقييم المخاطر وحساب الرسوم الجمركية. ويمكن للمغرب أن يستلهم من نماذج مثل نظام “TradeNet” في سنغافورة، والذي يعد منصة إلكترونية فريدة تربط بين مختلف أجزاء التجارة الدولية. ويعد الاستثمار في تكوين الموظفين وتعزيز قدراتهم أمرا بالغ الأهمية كذلك لضمان أن يكون الموظفون قادرين على استخدام التكنولوجيات الجديدة.

كما يمكن أن يتأتى الابتكار من اعتماد تكتولوجيات الهاتف المحمول. إذ يمكن أن يؤدي تطور التطبيقات الخاصة بالمعاملات الجمركية إلى تحسين سهولة ممارسة الأعمال التجارية النسبة للمقاولات. ويمكن أن توفر هذه التطبيقات ميزات مثل حاسبات الرسوم، وتتبع الحالة بل حتى خيارات الأداء. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للمغرب أن يفكر في تطوير نظام وطني ذي شباك وحيد، مما يسمح للتجار بالإدلاء بالوثائق القانونية في مكان واحد.

3. ماذا عن التعاون الدولي والاستراتيجيات المشتركة لمواجهة التحديات العابرة للحدود؟

من الضروري أن تنخرط إدارات الجمارك في التعاون الدولي لأجل تدبير تحديات التجارة العابرة للحدود على نحو فعال. وذلك يشمل المشاركة في المبادرات العالمية مثل شبكة مكافحة الاحتيال الجمركي التابعة لمنظمة الجمارك العالمية، والتي تسهل تبادل المعلومات والإجراءات التعاونية لمكافحة التجارة غير المشروعة. كما أن التدبير الفعال لسلاسل التوريد العالمية يتطلب تعاونا وثيقا بين البلدان. وهو ما لا يشمل تبادل المعلومات فحسب، بل كذلك مواءمة المعايير والممارسات. وعلى سبيل المثال، يعد تفعيل اتفاقية تيسير التجارة لمنظمة التجارة العالمية خطوة رئيسية في هذا الاتجاه. إذ من خلال اعتماد تدابير تسهيل التجارة، يمكن للبلدان خفض تكاليف التجارة بنسبة 14,3 في المئة في المتوسط، وفقا لمنظمة التجارة العالمية.

ويمكن أن تشمل الاستراتيجيات المشتركة تنسيق المساطر والمعايير الجمركية، وتبادل المعلومات وأفضل الممارسات، وإجراء عمليات مشتركة. وقد يشمل ذلك برامج تكوينية مشتركة، وتبادل المعلومات، وحتى القيام بدوريات جمركية عابرة للحدود. كما يمكن أن يلعب استخدام التكنولوجيا دورا حيويا، مثل نشر قواعد البيانات المشتركة لتتبع الشحنات وتحديد المخالفات. ومن الأمثلة على ذلك الاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي، الذي يشتغل ضمن منطقة جمركية مشتركة بمعايير موحدة. وعلى نحو مماثل، تهدف المبادرات الإقليمية في إفريقيا، مثل منطقة التبادل الحر القارية الإفريقية، إلى إنشاء سوق موحدة للسلع والخدمات، والتي يتم تسهيلها من خلال المساطر الجمركية المنسقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى