خارج الحدود

مستقبل أوكرانيا يتوقف على “مفرمة اللحم”

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن مستقبل بلاده يتوقف على نتيجة المعارك الجارية جهة الشرق، بما يشمل المعارك في باخموت وحولها، التي يصفها الجانبان الروسي والأوكراني بحرب الخنادق، أو “مفرمة اللحم”، وذلك في الوقت الذي يتحدث فيه كل طرف عن قتال وحشي في المدينة الشرقية الصغيرة، بينما تكثف روسيا حملتها الشتوية للسيطرة عليها.

باخموت تحولت لهدف رئيسي للغزو الروسي وتشهد معارك مشاة دموية لم تحدث في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية

وأصبحت مدينة باخموت التعدينية المدمرة هدفاً رئيسياً للغزو الروسي وتحولت بفعل القتال المستمر على مدى أشهر للسيطرة عليها إلى أكثر معارك المشاة دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وقال زيلينسكي في خطابه الليلي، الإثنين: “الوضع صعب جداً في الشرق.. مؤلم جداً. علينا تدمير القوة العسكرية للعدو، وسندمرها”. واعتاد زيلينسكي إلقاء خطاباته ليلاً منذ بدء الغزو الروسي قبل أكثر من عام.

قتال عنيف

وفي غابة على بعد حوالي 8 كيلومترات من الجبهة، دوت أصوات المدافع مستهدفة مراكز للقوات الروسية باتجاه الشمال الشرقي، ودوت الانفجارات بصفة مستمرة بطول المسافة مما يشير لوجود قتال عنيف.

ونقل المكتب الإعلامي للجيش عن قائد القوات البرية الأوكرانية أولكسندر سيرسكي أنّ “وحدات هجومية (تابعة للمجموعة الروسية المسلّحة) فاغنر تهاجم من اتجاهات عدّة في محاولة لاختراق دفاع قواتنا والتقدّم نحو أحياء الوسط”.

جاء ذلك فيما قال رئيس مجموعة فاغنر يفغيني بريغوغين، الذي يقاتل رجاله على الخطوط الأمامية لهذه المعركة، “كلّما اقتربنا من وسط المدينة، ازدادت المعارك قسوة وكان هناك استخدام للمدفعية” وأكّد سيرسكي أنّ القوات الأوكرانية “تُلحق خسائر كبيرة بهم” في هذه المعركة التي تعدّ الأطول منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022. وقال: “صُدّت كلّ محاولات الاستيلاء على المدينة بنيران المدفعية والدبابات”.

واعترف بريغوغين أنّ قواته تواجه مقاومة شرسة. وقال في رسالة على شبكات التواصل الاجتماعي: “الوضع في باخموت صعب، صعب للغاية. العدو يقاتل من أجل كل متر”. وأضاف “الأوكرانيون يلقون باحتياطات لا نهاية لها في المعركة”.

ومنذ أشهر، تحوّلت مدينة باخموت التي كان يسكنها 70 ألف نسمة قبل بدء الغزو الروسي في شباط/فبراير 2022، إلى مركز للمعارك على الجبهة الشرقية في أوكرانيا ورغم أنّ هذه المدينة التي دُمّر جزء كبير منها بالقصف، تحوّلت رمزا للمقاومة الأوكرانية الشرسة للغزو، إلّا أنّ المحلّلين يشكّكون في أهميتها الاستراتيجية.

وأدت حرب الخنادق، التي يصفها الجانبان بأنها “مفرمة لحم”، لوقوع عدد هائل من القتلى في باخموت بمنطقة دونيتسك، حيث أعلن كلا الجانبين مقتل المئات من قوات العدو وتقول روسيا إن السيطرة على باخموت ستفتح الطريق أمام السيطرة على منطقة دونيتسك بالكامل، وهي هدف حربي رئيسي. وتقول أوكرانيا، التي قررت عدم الانسحاب والدفاع عن باخموت، إن انهاك الجيش الروسي الآن سيسهل عليها هجومها المضاد في وقت لاحق هذا العام لكن لا يوجد اتفاق في الآراء بين المحللين العسكريين على أن الدفاع عن باخموت هو أفضل استراتيجية بالنسبة لأوكرانيا.

مستقبل أوكرانيا يتوقف على "مفرمة اللحم"

أوامر اعتقال

ومن ناحية أخرى، قال مصدر لرويترز إنه من المتوقع أن تسعى المحكمة الجنائية الدولية لاستصدار أوامر اعتقال لمسؤولين روس بسبب ترحيل أطفال من أوكرانيا قسراً بالإضافة إلى استهداف البنية التحتية المدنية، وذلك فيما ستكون أولى قضايا جرائم حرب دولية تتعلق بالغزو الروسي.

ومن المؤكد أن موسكو سترفض أوامر اعتقال مسؤوليها، لكن من شأن محاكمة تتعلق بجرائم حرب دولية أن تزيد عزلة موسكو الدبلوماسية بسبب حملتها التي أسفرت عن مقتل آلاف المدنيين وشردت الملايين من ديارهم.

تقول أوكرانيا والدول الغربية الحليفة لها إن روسيا ارتكبت “جرائم ضد الإنسانية” باستهدافها المدنيين والبنية التحتية المدنية، وهي اتهامات تنفيها روسيا.
وقال مصدر مطلع إن المحكمة الجنائية الدولية، التي فتحت تحقيقاً في وقوع جرائم حرب في أوكرانيا العام الماضي من المنتظر أن تسعى لاستصدار أوامر اعتقال بحق مسؤولين روس على صلة بالصراع “في المدى القريب” .

وأضاف المصدر أنه لم تتضح بعد هوية المسؤولين الروس الذين قد يسعى المدعي العام بالمحكمة لاستصدار أوامر للقبض عليهم أو الموعد المحتمل لاستصدار مثل تلك الأوامر، لكنها ستتضمن جريمة الإبادة الجماعية ورفض مكتب المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية التعليق.‭‭ ‬‬ولم ترد وزارة الدفاع الروسية بعد على طلب رويترز للتعليق.

لكنها لم تخف برنامجاً أخذت بموجبه آلاف الأطفال إلى روسيا فيما تصورها على أنها حملة إنسانية لحماية الأيتام والأطفال المتروكين في منطقة الصراع وتقول أوكرانيا إن آلاف الأطفال الأوكرانيين المرحلين تتبناهم أسر روسية ويعيشون في مخيمات وملاجئ ويتم منحهم جوازات سفر روسية وتنشئتهم على رفض الجنسية الأوكرانية.

ويعرف ميثاق الإبادة الجماعية للأمم المتحدة “نقل الأطفال قسراً من جماعة إلى جماعة أخرى” بأنه واحدة من 5 أفعال يمكن مقاضاة مرتكبيها باعتبارها إبادة جماعية.

مستقبل أوكرانيا يتوقف على "مفرمة اللحم"وساطة صينية

وتقف روسيا فيما يبدو على أعتاب انفراجة دبلوماسية لطالما سعت لها إذ أبلغت مصادر رويترز أن الرئيس الصيني شي جين بينغ ربما يزور روسيا الأسبوع المقبل.

ولم ترد وزارة الخارجية الصينية على طلبات للتعليق. وقال الكرملين إن “ليس لديه ما يعلنه” وفي ساحة المعركة قال جنود أوكرانيون، الإثنين، إنهم يصدون هجمات قرب كريمينا شمال باخموت.

وكالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى