إقتصاد

البنك الإفريقي للتنمية يتدارس السبل الكفيلة بتعبئة الاستثمار الخاص من أجل المناخ

تعد تعبئة الاستثمار الخاص في العمل المناخي والنمو الأخضر بإفريقيا ضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى لمواجهة آثار تغير المناخ.

ولجذب وتحفيز هذا الاستثمار الخاص بإفريقيا، يعتبر البنك الإفريقي للتنمية أن وضع القوانين والمعايير والسياسات، بتعاون وثيق مع بنوك التنمية متعددة الأطراف ومؤسسات تمويل التنمية، من شأنه توجيه المستثمرين المحتملين.

ووفقا لتقرير البنك الإفريقي للتنمية بشأن التوقعات الاقتصادية في إفريقيا سنة 2023، الصادر على هامش الاجتماعات السنوية الـ58 للبنك المنظمة بشرم الشيخ، فإن الاستخدام المتزايد لأدوات التمويل المشترك من شأنه أن يقلل من مخاطر الاستثمار في العمل المناخي والنمو الأخضر.

وبحسب المؤسسة، فإن تطوير استخدام أدوات التمويل المستدام، على غرار السندات والقروض الخضراء، يمكن أن يساهم في جذب الاستثمارات الخاصة.

ويعد تعزيز المؤسسات المالية الوطنية، والاستفادة من الاهتمام المتزايد بالرأسمال الاستثماري ورأسمال المخاطر على الصعيد العالمي والوطني بالأسواق الإفريقية، فضلا عن الانخراط الحذر في أسواق الكربون الناشئة، ومبادلات الديون-المناخ، والديون المتعلقة بالمناخ، من بين الخيارات التي تتيح تعبئة المزيد من التمويلات الخاصة من أجل العمل المناخي في القارة.

وهكذا، دعا البنك الإفريقي للتنمية البلدان الإفريقية إلى إعداد استراتيجيات طويلة المدى، بغية إرسال إشارات قوية للجهات الفاعلة وطنيا ودوليا بشأن أولوياتها من حيث النمو الأخضر والتغير المناخي.

وأوضح البنك أنه ينبغي تقسيم هذه الاستراتيجيات إلى مخططات وقوانين على المستوى القطاعي، مشددا على ضرورة أن تكون شاملة ومشتركة بين القطاعات ومندمجة تماما في مجمل الاقتصاد، بدلا من تطويرها وتنفيذها بشكل معزول.

كما يتعين على البلدان الإفريقية تعزيز أنظمة دعم الحكامة ومراقبة الحسابات بغية التحقق من أن الأموال المسحوبة من التمويل الخاص تُحدث التأثير المتوقع والأقصى على النمو الأخضر.

وبالنسبة للبنك الإفريقي للتنمية، ينبغي أن تتضمن إطارات تتبع وتقييم الأثر معايير واضحة وأنظمة للشفافية ولمساءلة المؤسسات التي تدير هذا التمويل، معتبرا أن إصلاح السياسات والقوانين الملائمة هذه سيحفز القطاع الخاص على الاستثمار في التكيف والتخفيف من حدة تغير المناخ.

وبالتالي، ينبغي على البلدان الإفريقية وضع أدوات تمويل مشتركة وموحدة على الصعيد الوطني تحقق مردوديات جذابة، واستخدام هذه الأدوات بفعالية من خلال الحرص على أن تكون المخصصات المالية إضافية ومتناسبة.

كما ينبغي أن يُؤخذ التأثير المحتمل لهذه الاستثمارات في الاعتبار عند منح الأموال من حيث التوزيع، ولاسيما من خلال ضمان التوازن بين تمويل البنية التحتية ومشاريع التنمية الاجتماعية والتدبير البيئي.
وهكذا، يعتبر البنك أن البنوك التنموية متعددة الأطراف ومؤسسات تمويل التنمية بحاجة إلى الإصلاح من أجل تعبئة المزيد من التمويلات الخاصة لفائدة المناخ والنمو الأخضر في إفريقيا.

ووفقا للتقرير، فإن حوالي الثلث فحسب من التمويلات الخاصة المعبأة من طرف هذه المؤسسات استهدفت العمل المناخي خلال الفترة 2018-2020.

وباعتبارهما فاعلين رئيسيين في التنمية والتمويل الدولي العام، يتعين على بنوك التنمية متعددة الأطراف ومؤسسات تمويل التنمية أن تبدي توجسا أقل من المخاطر، كما يوصي بذلك البنك الإفريقي للتنمية، من خلال خفض معدلات ملاءمة الرأسمال الخاصة بها على نحو حذر، وإرساء آليات مخصصة للرأسمال والسيولة على المقاس، وكذلك من خلال إعادة تقييم المعايير التنظيمية الحالية من حيث الرساميل وغيرها من المعايير الاحترازية.
وينبغي على هذه المؤسسات أن تحيد تدريجيا عن التمويل مشروعا بمشروع والانتقال إلى تمويل انتقال مستدام على مستوى النظام.

وبالنسبة للبنك الإفريقي للتنمية، فإنه ينبغي عليها تعزيز طاقاتها الداخلية بهدف إدماج آفاق منخفضة الانبعاثات الكربونية وقادرة على الصمود أمام التغير المناخي أثناء إعداد السياسات.

وأشار إلى أن الحكومات المُساهمة في هذه المؤسسات مدعوة إلى منحها صلاحيات أقوى وأكثر اتساقا حتى تتمكن من تنفيذ تدابير انتقالية في ما يتصل بالمناخ والنمو الأخضر.

وأوصى البنك الإفريقي للتنمية وكالات التصنيف بتوسيع إطار اشتغالها حتى تعكس على نحو أفضل المؤهلات الحقيقية للسوق الإفريقية. وهو الأمر الذي يتطلب إصلاحا لمساطر التصنيف بغية التحقق من أن تصنيفات المخاطر أو القروض تعكس المؤهلات الحقيقية للأسواق الإفريقية للنمو الأخضر.

وإلى غاية اليوم، مازالت قدرة البلدان الإفريقية على تعبئة الموارد المحلية محدودة للغاية، وذلك بسبب اقتصادياتها غير المتنوعة، واستمرار التدفقات المالية غير المشروعة، وصعوبة الولوج إلى أسواق الرأسمال الدولية، وبالخصوص تركيز الموارد اللازمة للتنمية.
ولأجل ذلك، يواصل البنك الإفريقي للتنمية الدعوة بإلحاح من أجل لامركزية أكبر للموارد المخصصة للمساعدة العمومية من أجل التنمية، وكذا من أجل دور أكبر للبنوك التنموية متعددة الأطراف ذات الطابع الإقليمي.

ولهذا الغرض، ركز المشاركون في هذه الاجتماعات على تدارس سبل ضمان نمو أقوى، وتطوير قطاع مالي في خدمة المقاولات المحلية، وأخيرا، تحديد استراتيجية استدانة لفائدة البلدان الإفريقية من شأنها تعبئة المزيد من الموارد.
وتشكل الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإفريقي للتنمية مناسبة هامة لنشر المعرفة والوعي بين صناع القرار رفيعي المستوى بإفريقيا، وأبرز مسؤولي منظمات التنمية ثنائية أو متعددة الأطراف، والأكاديميين المرموقين وممثلي المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والقطاع الخاص.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى